العقوبة [تجب] «١» على قدر النعمة كما في قوله تعالى: يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ.
ولم يذكر الله سبحانه في هذه الآية العبيد وهم لاحقون بالإماء بطريق القياس. وكما يكون على الإماء والعبيد نصف الحد في الزنا كذلك يكون عليهم نصف الحد في القذف والشرب.
ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ: الاشارة بذلك إلى نكاح الإماء، والعنت:
الوقوع في الإثم. وأصله في اللغة انكسار العظم بعد الجبر، ثم استعير لكل مشقة.
وَأَنْ تَصْبِرُوا عن نكاح الإماء خَيْرٌ لَكُمْ من نكاحهن، أي صبركم خير لكم لأن نكاحهن يفضي إلى إرقاق الولد والغضّ من النفس.
[الآية الحادية عشرة]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ والباطل: ما ليس بحق، ووجوه ذلك كثيرة. ومن الباطل البيوعات التي نهى عنها الشرع إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً. والتجارة في اللغة: عبارة عن المعارضة، وهذا الاستثناء منقطع: أي [لكن] «٢» تجارة صادرة عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ جائزة بينكم، أو لكن كون تجارة عن تراض منكم حلالا لكم. وإنما نص الله سبحانه على التجارة دون سائر أنواع المعاوضات لكونها أكثرها وأغلبها. وتطلق التجارة على جزاء الأعمال من الله على وجه المجاز.
ومنه قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) : وقوله: يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩).
واختلف العلماء في التراضي: فقالت طائفة: تمامه وجوبه بافتراق الأبدان بعد عقد البيع، أو بأن يقول أحدهما لصاحبه: اختر، كما في الحديث الصحيح: «البيّعان بالخيار ما لم يفترّقا أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر» «٣». وإليه ذهب جماعة من

(١) جاء في المطبوع [تحسب] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٥٢].
(٢) جاء في المطبوع [لكم] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٥٧].
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح [٤/ ٣٢٧- ٣٢٨] ح [٢١٠٩] وصحيح مسلم ح [١٥٣١] [٤٣].


الصفحة التالية
Icon