يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ إلى آخر الآية «١»، فيكون ذلك منسوخا بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] وقوله: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا [التوبة: ٢٨]، وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يحجن بعد العام مشرك» «٢».
وقال قوم الآية محكمة وهي في المسلمين «٣».
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً: جملة حالية من الضمير المستتر في آمِّينَ قال جمهور المفسرين: معناه يبغون الفضل والرزق والأرباح في التجارة، ويبتغون- مع ذلك- رضوان الله، وقيل: كان منهم من يطلب التجارة، ومنهم من يبتغي بالحج رضوان الله، ويكون هذا الابتغاء للرضوان- بحسب اعتقادهم وفي ظنهم- عند من جعل الآية في المشركين، وقيل: المراد بالفضل هنا الثواب، لا الأرباح في التجارة «٤».
وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا: هذا تصريح لما أفاده مفهوم: وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، أباح لهم الصيد، بعد أن حظره عليهم لزوال السبب الذي حرّم لأجله، وهو الإحرام «٥».
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ «٦» : قال ابن فارس: جرم وأجرم ولا جرم، بمعنى قولك: ولا بد ولا محالة، وأصلها من جرم أي كسب، وقيل: المعنى ولا يحملنكم.
قاله الكسائي وثعلب. وهو يتعدى إلى مفعولين، يقال: جرمني كذا على بغضك، أي حملني عليه.
وقال أبو عبيدة والفراء: معنى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ لا يكسبنكم بغض قوم أن
(٢) حديث صحيح: رواه البخاري (١/ ٤٧٧، ٤٧٨)، (٣/ ٤٨٣)، ومسلم (٩/ ١١٥، ١١٦) عن أبي هريرة مرفوعا.
قال ابن عطية: «فكل ما في هذه الآية مما يتصور في مسلم حاج فهو محكم، وكل ما كان منها في الكفّار فهو منسوخ وقرأ ابن مسعود وأصحابه: [ولا آمّي البيت] بالإضافة إلى البيت» وانظر: المحرر (٤/ ٣٢٥)، والقرطبي (٦/ ٤٣، ٤٤).
(٣) قال ابن عطية: «فكل ما في هذه الآية مما يتصور في مسلم حاج فهو محكم، وكل ما كان منها في الكفّار فهو منسوخ وقرأ ابن مسعود وأصحابه: [ولا آمّي البيت] بالإضافة إلى البيت» وانظر:
المحرر (٤/ ٣٢٥)، والقرطبي (٦/ ٤٣، ٤٤).
(٤) انظر: تفسير ابن عطية (٥/ ٣٢٥).
(٥) فصل المصنف هذا الموضع عن سابقه، وقد وصلناه لتمام السياق ووضوح اتصاله. [.....]
(٦) انظر: الهداية للمرغيناني (٤/ ١٥٣٩)، وتفسير ابن عطية (٤/ ٣٢٦)، البحر المديد لابن عجيبة (٢/ ٥).