مالك وأبي حنيفة وأصحابه، والثوري والشافعي. وخالفهم الشاميون في ذلك، قال الأوزاعي في المعراض: كلّه خرق أو لم يخرق فقد كان أبو الدرداء وفضالة بن عبيد وعبد الله بن عمر ومكحول لا يرون به بأسا.
قال ابن عبد البر: هكذا ذكر الأوزاعي عن عبد الله بن عمر. والمعروف عن ابن عمر ما ذكر مالك عن نافع «١»، قال: والأصل في هذا الباب والذي عليه العمل وفيه الحجة حديث عدي بن حاتم وفيه: «ما أصاب بعرضه فلا يأكل فإنه وقيذ» «٢». انتهى.
قلت: والحديث في «الصحيحين» وغيرهما عن عدي قال: «قلت يا رسول الله إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: إذا رميت المعراض فخرق فكله، وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله» «٣».
فقد اعتبر صلّى الله عليه وآله وسلّم الخرق وعدمه، فالحق أنه لا يحل إلا ما خرق لا ما صدم، فلا بد من التذكية قبل الموت، وإلا كان وقيذا.
قال الشوكاني في «فتح القدير» «٤» : وأما البنادق المعروفة الآن، وهي بنادق

(١) قال مالك في «موطأه» (١/ ٤٢٢) عن نافع أنه قال: «رميت طائرين بحجر وأنا بالجرف، فأصبتهما، فأما أحدهما فمات، فطرحه عبد الله بن عمر، وأما الآخر فذهب عبد الله بن عمر يذكيه بقدم» فمات قبل أن يذكّيه، فطرحه عبد الله أيضا.
(٢) قال القرافي: «وفي الكتاب: المصيد بحجر أو بندق لا يؤكل ولو بلغ مقاتله، لأنه رضّ، وكذلك المعراض إذا أصاب بعرضه، وقال أبو حنيفة والشافعي، وكل ما جرح بحدّه أكل، كان عودا أو عصا أو رمحا، والمعراض: خشبة في رأسها زج، قال صاحب الإكمال: وقيل: سهم دون ريش، وقيل: عود رقيق الطرفين غليظ الوسط، والخذف لا يباح الرّمي به، لأن مصيدة وقيذ كالبندقية.
وعند الجمهور: لا يؤكل ما أصاب المعراض بعرضه خلافا لأهل الشام، ولا مصيد البندقية خلافا للشافعية وجماعة، فظاهر كلامه: تحريم الرّمي بالبندق ابتداء وإن ذكى مرميه، وبه قال الشافعي خلافا لابن حنبل، ولا ينبغي خلاف في إباحة الرّمي به السباع الصوائل والعدو المحارب.. (الذخيرة ٤/ ١٧٤، ١٧٥) ط دار الغرب الإسلامي- بيروت.
وانظر القرطبي (٦/ ٤٩، ٥٠)، والروضة (٣/ ٢٤٣). والقوانين الفقهية (١٨٨)، والهداية (٤/ ١٥٥٠)، تكملة فتح القدير (٩/ ٤٩٥) والوسيط للغزالي (٧/ ١١٢، ١١٣).
والبندقة هي: طينة مدوّرة يرمى بها ويقال لها: الجلامق.
(٣) حديث صحيح: رواه البخاري (٩/ ٥٩٩) (١٣/ ٣٧٩)، ومسلم (١٣/ ٧٦، ٧٧)، والترمذي (١٤٦٥)، والنسائي (٧/ ١٨٠، ١٨١)، وابن ماجة (٥/ ٣٢)، وأحمد في «المسند»
(٤/ ٢٥٨، ٣٧٧، ٣٨٠) عن عدي بن حاتم مرفوعا.
(٤) انظره في (٢/ ٩).


الصفحة التالية
Icon