قال ابن المنذر: وسئل أبو جعفر عن البازي هل يحل صيده؟ قال: لا! إلا أن تدرك ذكاته.
وقال الضحاك والسدي: وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ: هي الكلاب خاصة «١».
فإن كان الكلب الأسود بهيما، كره صيده الحسن وقتادة والنخعي.
وقال أحمد: ما أعرف أحدا يرخص فيه إذا كان بهيما، وبه قال ابن راهويه «٢».
فأما عامة أهل العلم بالمدينة والكوفة فيرون جواز صيد كل كلب معلم «٣»، واحتج من منع من صيد الكلب الأسود بقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الكلب الأسود شيطان» أخرجه مسلم وغيره «٤».
والحق أنه يحل صيد كل ما يدخل تحت عموم الجوارح من غير فرق بين الكلب وغيره، وبين الأسود من الكلاب وغيره، وبين الطير وغيره.
ويؤيد هذا أن سبب نزول الآية سؤال عدي بن حاتم عن صيد البازي «٥».

(١) روى هذين القولين الطبري في «تفسيره» (٦/ ٦٣)، والبغوي في «معالم التنزيل (٢/ ١٢)، وذكره ابن كثير نحوه عن ابن عباس (٢/ ١٥) أيضا.
(٢) قال في «المقنع»
: إلا الكلب الأسود البهيم، فلا يباح صيده. وقال ابن قدامة في «الشرح الكبير» والبهيم الذي لا يخالط لونه لون أسود.
قال أحمد: الذي ليس فيه بياض، وقال المرداوي في «الإنصاف» : لو كان بين عينيه نكتتان تخالفان لونه، لم يخرج بهما عن البهيم وأحكامه، وانظر: المقنع، الشرح الكبير، الإنصاف (٢٧/ ٣٨٦، ٣٨٧) ط. دار هجر.
(٣) انظر: الذخيرة للقرافي (٤/ ١٧٢) ط. دار الغرب. والهداية للمرغيناني (٤/ ١٥٣٩)، الوسيط للغزالي (٧/ ١٠٨، ١٠٩).
(٤) حديث صحيح: رواه مسلم (١٠/ ٢٣٦)، وأبو داود (٢٨٤٦). وأحمد في «المسند» (٣/ ٣٣٣) عن جابر مرفوعا.
ورواه مسلم (٤/ ٢٢٦، ٢٢٧)، وأبو داود (٧٠٢) والترمذي (٣٣٨) والنسائي (٢/ ٦٣، ٦٤)، وابن ماجة (٩٥٢)، وأحمد في «المسند» (٥/ ١٤٩، ١٦١) عن عبد الله بن الصامت مرفوعا نحوه.
ورواه البخاري (٦/ ٣٦٠)، ومسلم (١٠/ ٢٣٤، ٢٣٦) بنحوه عن ابن عمر مرفوعا.
(٥) انظر: زاد المسير (٢/ ٢٩٢)، ابن عطية (٤/ ٣٥٤، ٣٥٥).
ولفظ «البازي» لم يرد في هذا الحديث الذي في «الصحيحين» عن عدي بن حاتم.
وإنما ورد عند أبي داود (٢٨٥١)، والترمذي (١٤٦٧) وأحمد في «المسند» (٤/ ٢٥٧)، والبيهقي (٩/ ٢٣٨). وقال أبو عيسى: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي.


الصفحة التالية
Icon