وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ: الطعام اسم لكل ما يؤكل، ومنه الذبائح، وذهب أكثر أهل العلم إلى تخصيصه هنا بالذبائح «١»، وفي هذه الآية دليل على أن جميع طعام أهل الكتاب- من غير فرق بين اللحم وغيره- حلال للمسلمين، وإن كانوا لا يذكرون على ذبائحهم اسم الله، فتكون هذه الآية مخصصة لعموم قوله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١٢١]. وظاهر هذا أن ذبائح أهل الكتاب حلال، وإن ذكر اليهودي على ذبيحته اسم عزيز، وذكر النصراني على ذبيحته اسم المسيح. وإليه ذهب أبو الدرداء وعبادة بن الصامت وابن عباس والزهري وربيعة والشعبي ومكحول «٢».
وقال عليّ وعائشة وابن عمر: إذا سمعت الكتابي يسمي على الذبيحة اسم غير الله فلا تأكل.
وهو قول طاووس والحسن «٣»، وتمسكوا بقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١٢١]. وقوله تعالى: وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ [المائدة: ٣].
وقال مالك: إنه يكره ولا يحرم «٤».
فهذا الخلاف إذا علمنا أن أهل الكتاب ذكروا على ذبائحهم اسم غير الله، وأما مع عدم العلم، فقد حكى الطبري وابن كثير الإجماع على حلها لهذه الآية «٥».
ولما ورد في السنة من أكله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الشاة المصلية التي أهدتها إليه اليهودية.
وكذلك جراب الشحم الذي أخذه بعض الصحابة من خيبر وعلم بذلك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهما في «الصحيح» وغير ذلك.
والمراد بأهل الكتاب هنا: اليهودي والنصارى.
وأما المجوس فذهب الجمهور إلى أنها لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، لأنهم ليسوا بأهل الكتاب على المشهور عند أهل العلم «٦».
(٢) انظر: زاد المسير (٢/ ٢/ ٢٩٥)، الطبري (٦/ ٦٦)، ابن كثير (٢/ ١٩)، المحرر الوجيز لابن عطية (٤/ ٣٥٧، ٣٥٩).
(٣) انظر: الطبري (٦/ ٦٦، ٦٧)، ابن كثير (٢/ ٢١)، ابن عطية (٤/ ٣٥٩) ط. الدّوحة.
(٤) انظر: الذخيرة للقرافي المالكي (٤/ ١٧٠).
(٥) انظر: المصادر السابقة. [.....]
(٦) انظر: الوسيط للغزالي (٧/ ١٠١)، الروضة للنووي (٧/ ١٤٢)، والذخيرة للقرافي (٤/ ١٦٩،