بالذمي لأنه نفس، وقال الشافعي وجماعة من أهل العلم: إن هذه الآية خبر عن شرع من قبلنا وليس بشرع لنا.
وقد قدمنا في البقرة في شرح قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [البقرة: ١٧٨] ما فيه كفاية.
وقد اختلف أهل العلم في شرع من قبلنا: هل يلزمنا أم لا؟؟ فذهب الجمهور إلى أنه يلزمنا إذا لم ينسخ وهو الحق.
وقد ذكر ابن الصباغ في «الشامل» إجماع العلماء على الاحتجاج بهذه الآية على ما دلّت عليه.
قال ابن كثير في «تفسيره» : وقد احتج الأئمة كلهم على أن الرجل يقتل بالمرأة لعموم هذه الآية الكريمة. انتهى.
وقد أوضح الشوكاني ما هو الحق في شرحه على «المنتقى» وغيره في غيره «١».
وفي هذه الآية توبيخ لليهود، وتقريع لكونهم يخالفون ما كتبه الله عليهم في التوراة- كما حكاه هنا- ويفاضلون بين الأنفس، كما سبق بيانه، وقد كانوا يقيدون بني النضير من بني قريظة، ولا يقيدون بني قريظة من بني النضير.
وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ الظاهر من النظم القرآني، أن العين إذا فقئت، حتى لم يبق فيها مجال للإدراك، أنها تفقأ عين الجاني بها.
وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ: أي إذا جدعت جميعها فإنها يجدع أنف الجاني بها.
وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ: إذا قطعت جميعها فإنها تقطع أذن الجاني بها. وكذلك وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ.
فأما لو كانت الجناية ذهبت ببعض إدراك العين، أو ببعض الأنف، أو ببعض الأذن، أو ببعض السن، فليس في هذه الآية ما يدل على ثبوت القصاص.

(١) انظر في تحقيق المسألة: الطبري (٦/ ١٣٣)، النكت والعيون (١/ ٤٦١)، زاد المسير (٢/ ٣٤٥)، القرطبي (٦/ ١٥٠)، والتمهيد للأسنوي (ص ٤٤١)، وابن كثير (٢/ ٤٨)، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (١/ ١٥٣). ونيل الأوطار شرح منتقى الأخيار (٧/ ١٦٠)، وما بعدها، والروضة النّدية (٢/ ٣٠٠، ٣٠٢).


الصفحة التالية
Icon