وقيل: إن الكفارة تلزم المخطئ والناسي كما تلزم المتعمد وجعلوا قيد التعمد خارجا مخرج الغالب، روي عن عمر والحسن والنخعي والزهري، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه، وروي عن ابن عباس.
وقيل: إنه يجب التكفير على العامد والناسي لإحرامه، وبه قال مجاهد. قال: فإن كان ذاكرا لإحرامه فقد حل، ولا حج له لارتكابه محظور إحرامه فبطل عليه كما لو تكلم في الصلاة، أو أحدث فيها.
فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ: أي فعليه جزاء مماثل لما قتله- ومن النعم: بيان للجزاء المماثل.
قيل: المراد بالمماثلة المماثلة في القيمة، وقيل: في الخلقة. وقد ذهب إلى الأول أبو حنيفة، وذهب إلى الثاني مالك والشافعي وأحمد والجمهور، وهو الحق لأن البيان للمماثل بالنعم يفيد ذلك، وكذلك يفيده هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ.
وروي عن أبي حنيفة أنه يجوز إخراج القيمة، ولو وجد المثل، وأن المحرم مخير، وقرىء: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ، وقرىء: فَجَزاءٌ مِثْلُ على إضافة جزاء إلى مثل «١».
يَحْكُمُ بِهِ: أي بالجزاء أو بمثل ما قتل.
ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ: أي رجلان معروفان بالعدالة بين المسلمين، فإذا حكما بشيء لزم، وإن اختلفا رجع إلى غيرهما.
ولا يجوز أن يكون الجاني أحد الحكمين، وقيل: يجوز.
وبالأول قال أبو حنيفة، وبالثاني قال الشافعي- في أحد قوليه- وظاهر الآية يقتضي حكمين غير الجاني.
هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ: نصب هديا على الحال أو البدل من «مثل»، وبالغ الكعبة

(١) قال أبو منصور: «قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «فجزاء مثل ما» مضافا، وقرأ الباقون «فجزاء مثل ما» منونا».
وقال: من قرأ (فجزاء مثل) فعلى الإضافة والمضاف إليه مكسور، وممن قرأ (فجزاء مثل ما) جعل (مثل) نعتا للجزاء والمعنى: فعليه جزاء مثل ما قتل من النّعم. (معاني القراءات ص ١٤٥) بتحقيقنا ط. دار الكتب العلمية- بيروت.


الصفحة التالية
Icon