[الآية العشرون]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ: أي ألزموا أنفسكم واحفظوها. كما تقول:
عليك زيدا أي الزمه.
لا يَضُرُّكُمْ: قرىء بالجزم على أنه جواب الأمر الذي يدل عليه اسم الفعل.
وقرأ نافع بالرفع على أنه مستأنف، أو على أن ضم الراء للاتباع. وقرىء بكسر الضاد. وقرىء: لا يضيركم «١».
مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ: يعني لا يضركم ضلال من ضل من الناس إذا اهتديتم للحق أنتم في أنفسكم، وليس في الآية ما يدل على سقوط الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فإن من تركه- مع كونه من أعظم الفروض الدينية- فليس بمهتد، وقد قال الله سبحانه: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ.
وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث المتكاثرة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوبا مضيقا متحتما فتحمل هذه الآية على من لا يقدر على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو لا يظن التأثير بحال من الأحوال، أو يخشى على نفسه أن يحل به ما يضره ضررا يسوغ له معه الترك.
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) في الدنيا فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي- وصححه- والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والدارقطني، وأيضا في «المختارة» وغيرهم عن قيس بن أبي حازم قال: قام أبو بكر فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
(١) انظر الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/ ٢٠٤، ٢٠٧)، والأحكام له (٢/ ٧٠٢)، والطبري (٧/ ٧٥)، القرطبي (٤/ ٢٣٣٩) ط. دار الشعب، مفاتيح الغيب (٦/ ١٦٩، ١٧٢).


الصفحة التالية
Icon