وهذا الحديث رفعه خطأ وإنّما هو من قول ابن عباس.
وكذا أخرجه من قوله عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.
نعم يمكن الاستدلال لهذا المذهب بمثل قوله تعالى: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا [البقرة: ٢٨٦]، وبقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» «١».
وأما حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن عدي: «أن رجلا جاء إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل ذبح ونسي أن يسمي؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «اسم الله على كل مسلم»، فهو حديث ضعيف قد ضعفه البيهقي وغيره «٢».
والضمير في قوله: إنه وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ يرجع إلى (ما) بتقدير مضاف، أي وإن أكل ما لم يذكر لفسق، ويجوز أن يرجع إلى مصدر تأكلوا، أي فإن الأكل لفسق.
وقد تقدم تحقيق الفسق «٣».
وقد استدل من حمل هذه الآية على ما ذبح لغير الله بقوله: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ، ووجه الاستدلال أن الترك لا يكون فسقا، بل الفسق الذبح لغير الله.
ويجاب عنه بأن إطلاق اسم الفسق على تارك ما فرضه الله عليه غير ممتنع شرعا «٤».
(١) حديث صحيح: رواه الطبراني في «الصغير» (١٠/ ٢٧٠)، والدارقطني في «سننه» (٤/ ١٧٠، ١٧١)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٩٨)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٥٦)، وابن حبان في «صحيحه» (٧٢١٩)، والطحاوي في «شرح المعاني» (٣/ ٩٥) عن ابن عباس مرفوعا بنحوه.
(٢) حديث ضعيف: رواه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٦/ ٣٨٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٩/ ٢٤٠) عن أبي هريرة مرفوعا.
قلت: وضعفه ابن عدي وكذا البيهقي.
(٣) وذلك عند تفسير الآية (٣) من سورة المائدة.
(٤) انظر في تفسير هذه الآية: الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/ ٢١٤، ٢١٦)، والأحكام له (٢/ ٧٤٠)، الزجاج (٢/ ٣١٦)، ابن قتيبة (١٦١)، النكت (١/ ٥٥٨)، زاد المسير (٣/ ١١٥)، اللباب (١٠٤)، القرطبي (٧/ ٧٧). [.....]