فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) : أمرهم بالتقوى، وإصلاح ذات البين، وطاعة الله ورسوله بالتسليم لأمرهما، وترك الاختلاف الذي وقع بينهما.
[الآيتان: الثانية والثالثة]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً: الزحف: الدنو قليلا قليلا، وأصله الاندفاع على الألية، ثم سمى كل ماش في الحرب إلى آخر زاحفا.
والتزاحف: التداني والتقارب. تقول زحف إلى العدو زحفا، وازدحف القوم: أي مشى بعضهم إلى بعض.
وانتصاب زحفا، إما على أنه مصدر لفعل محذوف، أي: يزحفون زحفا، أو على أنه حال من المؤمنين، أي: حال كونكم زاحفين إلى الكفار، أو حال من الذين كفروا، أي حال كون الكفار زاحفين إليكم، أو حال من الفريقين، أي: متزاحفين.
فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) : نهى الله المؤمنين أن ينهزموا عن الكفار إذا لقوهم، وقد دب بعضهم إلى بعض للقتال. وظاهر هذه الآية العموم لكل المؤمنين في كل زمن، وعلى كل حال إلا حالة: التحرف والتحيز.
وقد روي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي [نضرة] «١».
وعكرمة ونافع والحسن وقتادة و [يزيد] «٢» بن أبي حبيب والضحاك: أن تحريم الفرار من الزحف في هذه الآية مختص بيوم بدر، وأن أهل بدر لم يكن لهم أن ينحازوا

(الناسخ والمنسوخ ٢/ ٢٢٥، ٢٢٦).
(١) وقع في المخطوط (نصر) وهو خطأ، والتصويب من فتح القدير (٢/ ٢٩٣).
وأبو نضرة هو المنذر بن قطعة العبدي ثقة من رجال البخاري ومسلم.
(٢) وقع في «المطبوعة» زيد وهو خطأ، والتصويب من جامع الطبري (١٥٨١١)، وهو أبو جابر المصري أخرج له الستة في كتبهم وهو من الثقات.


الصفحة التالية
Icon