وذهب إلى الثاني مالك «١» وأبو حنيفة، وبه قال عمر وحذيفة وابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وميمون بن مهران «٢».
قال ابن جرير «٣» : وهو قول أكثر أهل العلم.
احتج الأولون بما في الآية من القصر وبحديث زياد بن الحارث الصدائي عند أبي داود والدارقطني قال: «أتيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فبايعته فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة؟
فقال له إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أصناف، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك»
«٤».
وأجاب الآخرون بأن ما في الآية من القصر إنما هو لبيان الصرف والمصرف لا لوجوب استيعاب الأصناف وبأن في إسناد الحديث عبد الرحمن بن زياد بن [أنعم] «٥» الأفريقي وهو ضعيف.
ومما يؤيد ما ذهب إليه الآخرون قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: ٢٧١].

بنفسه أو فرّق الإمام وليس هناك عامل، فرّق على سبعة، وأقل ما يجزىء أن يدفع إلى ثلاثة من كل صنف لأن الله تعالى ذكرهم بلفظ الجمع إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا يعني إذا حصلت به الكفاية، فلو صرف إلى اثنين مع القدرة على الثالث غرم للثالث، ولو لم يجد إلا دون الثلاثة من كل صنف أعطى من وجد، وهل يصرف باقي السهم إليه إن كان مستحقا أم ينقله إلى بلد آخر! قال في زيادة الرّوضة: الأصح أنه يصرف إليه، وممن صححه الشيخ نصر المقدسي، ونقله هو وغيره عن الشافعي، ودليله ظاهر، والله أعلم (كفاية الأخيار ص ١٩٤). ط- دار الخير- دمشق.
(١) قال ابن الحاجب: «ومصرف الزّكاة الثمانية في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ولو أعطيت لصنف أجزأ.
ثم قال: وفي إعطاء آل الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم الصدقة ثالثها: يعطون من التطوع دون الواجب ورابعها:
عكسه، وبنو هاشم آل، وما فوق غالب غير آل، وفيما بينهما: قولان، وفي مواليهم: قولان، ولا تصرف في كفن ميت، ولا بناء مسجد ولا لعبد ولا لكافر. (الأمهات ص ١٦٥، ١٦٦) ط- اليمامة- دمشق.
(٢) انظر: تحدث المفسرين عن هذه الآية وذكر هذه الأقوال في «الطبري»
١/ ١٠٩، زاد المسير (٣/ ٤٥٥)، والقرطبي (٨/ ١٦٧)، وابن كثير (٢/ ٣٦٤)، والنكت (٢/ ١٤٦).
(٣) انظر: الطبري (١٠/ ١١).
(٤) إسناده ضعيف: رواه أبو داود (١٦٣٠)، والطبراني في «الكبير» (٥/ ٢٦٢)، (٥٢٨٥)، والدارقطني في «سننه» (٢/ ١٣٧)، والطحاوي في «معاني الآثار» (٣٠١١)، والبيهقي في «الكبرى» (٤/ ١٧٣، ١٧٤).
وعلته: عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، ضعّفوه.
(٥) ما بين [] صحّف إلى (أكغم) وهو خطأ واضح والتصويب من مصادر التخريج.


الصفحة التالية
Icon