والحق أن ما صدق عليه مسمى السفر فهو الذي يباح عنده الفطر، وهكذا ما صدق عليه مسمى المرض فهو الذي يباح عنده الإفطار، وقد وقع الإجماع على الفطر في سفر الطاعة واختلفوا في الأسفار المباحة- والحق أن الرخصة ثابتة فيها- وكذا اختلفوا في سفر المعصية وليس في الآية أعني قوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ما يدل على وجوب التتابع في القضاء.
وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية يعني: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ هل هي محكمة أو منسوخة؟ وإنما كانت رخصة عند ابتداء فرض الصيام لأنه شق عليهم وكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم وهو يطيقه ثم نسخ ذلك. وهذا قول الجمهور، وروى عن بعض أهل العلم أنها لم تنسخ وأنها رخصة للشيوخ والعجائز خاصة- إذا كانوا لا يطيقون الصيام إلا بمشقة- وهذا يناسب قراءة التشديد أي يكلفونه.
والناسخ لهذه الآية عند الجمهور قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
وقد اختلفوا في مقدار الفدية فقيل كل يوم صاع من غير البر ونصف صاع منه، وقيل مدّ فقط.
وقال ابن شهاب: معناه، أي معنى قوله فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً من أراد الإطعام مع الصوم.
وقال مجاهد: معناه من زاد في الإطعام على المد، وقيل: من أطعم مع المسكين مسكينا آخر.
وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ معناه أن الصيام خير لهم من الإفطار مع الفدية، وكان هذا قبل النسخ، وقيل: معناه أن تصوموا في السفر والمرض غير الشاق.