وقال الحسن: إن جهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم. واختاره قتادة «١».
قيل في توجيهه: إن المنافقين كانوا أكثر من يفعل موجبات الحدود.
وقال ابن العربي: إن هذه دعوى لا برهان عليها، وليس العاصي بمنافق، إنما المنافق بما يكون في قلبه من النفاق بما لا تتلبس به الجوارح ظاهرا، وأخبار المحدودين تشهد بسياقها أنهم لم يكونوا منافقين.
وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ الغلظ: نقيض الرأفة، وهو شدة القلب، وخشونة الجانب.
قيل: وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصبر والصفح، وفي «التحريم» «٢» مثلها.
[الآية العشرون]
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣).
فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ: الرجع: متعد كالرد، والرجوع: لازم، والفاء لتفريغ ما بعدها على ما قبلها وإنما قال: إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ: لأن جميع من أقام بالمدينة لم يكونوا منافقين، بل كان فيهم غيرهم من المؤمنين لهم أعذار صحيحة، وفيهم من المؤمنين من لا عذر له، ثم عفا عنهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتاب الله عليهم كالثلاثة الذين خلفوا «٣».
وقيل: إنما قال إلى طائفة لأن منهم من تاب عن النفاق وندم على التخلف.
فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ معك في غزوة أخرى بعد غزوتك هذه.

(١) انظر: الطبري (١٠/ ١٢٦)، والنكت (٢/ ١٥٢)، وزاد المسير (٣/ ٤٦٩)، والقرطبي (٨/ ٢٠٤)، وابن كثير (٢/ ٣٧١)، الدر المنثور (٣/ ٢٥٨).
(٢) آية رقم (٩).
(٣) هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، وتخلفهم كان عن غزوة تبوك من غير عذر.
وانظر: البخاري (٨/ ١١٣، ١١٦، ٣٤٣، ٣٤٤)، ومسلم (١٧/ ٨٧، ٩٩)، عن كعب بن مالك.


الصفحة التالية
Icon