أن يكره على السجود لغير الله. ويدفعه ظاهر الآية فإنها عامة في من أكره، من غير فرق بين القول والفعل، ولا دليل للقاصرين للآية على القول، وخصوص السبب لا اعتبار به مع عموم اللفظ كما تقرر في علم الأصول.
وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً: أي اختاره وطابت به نفسه.
فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ: ليس بعد هذا الوعيد العظيم- وهو الجمع للمرتدين بين غضب الله وعظم عذابه بقوله: وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) وعيد «١».
[الآية الخامسة]
وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦).
وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ: قال الكسائي والزجاج: (ما) هنا مصدرية، وانتصاب الكذب بلا تقولوا، أي لا تقولوا الكذب لأجل وصف ألسنتكم. ومعناه لا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم من غير حجة.
ويجوز أن تكون (ما) موصولة والكذب منتصبا بتصف، أي لا تقولوا للذي تصف
واختلفوا في الزنا؟ والصحيح أنه يجوز له الإقدام عليه ولا حدّ عليه خلافا لابن الماجشون، وأما الكفر بالله فذلك جائز له بدون خلاف على شرط أن يلفظ بلسانه، وقلبه منشرح بالإيمان، بل قال المحققون من علمائنا: إنه إذا تلفّظ بالكفر أنه لا يجوز له أن يجري على لسانه إلا جريان المعاريض. مثاله: أن يقال له: اكفر بالله؟ فيقول: أنا كافر بالله- يريد باللاهي ويحذف الياء.
والكفر وإن كان بالإكراه جائزا عند العلماء فإن من صبر على البلاء ولم يفتتن حتى قتل فإنه شهيد.
والمكره على القتل إذا قتل يقتل لأنه قتل من يكافئه ظلما استيفاء لنفسه فقتل كما لو قتله الجماعة.
وفي سبب نزول هذه الآية المكيّة ثلاث روايات: الأولى أنها نزلت في عمار بن ياسر وأمه سميّة حباب بن الإرث وسلمة بن هشام والوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة والمقداد بن الأسود وقوم أسلموا ففتنهم المشركون عن دينهم فثبت بعضهم على الإسلام وصبر بعضهم على البلاء ولم يصبر بعض فقتلت سمية وافتتن عمار في ظاهره دون باطنه وسأل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فنزلت الآية... اه.