[الآية الثالثة]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥).
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ: المراد بالصد هنا الاستمرار، لا مجرد الاستقبال فصح بذلك عطفه على الماضي. ويجوز أن تكون الواو في: وَيَصُدُّونَ، واو الحال أي كفروا والحال أنهم يصدون.
والمراد بالصد المنع.
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي دينه.
فالمعنى يمنعون من أراد الدخول في دين الله.
وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ: معطوف على سبيل الله.
قيل: المراد به المسجد نفسه كما هو الظاهر من هذا النظم القرآني.
وقيل: الحرم كله لأن المشركين صدوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصحابه عنه يوم الحديبية. وقيل: المراد به مكة، بدليل قوله:
الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً: أي جعلناه للناس على العموم يصلون فيه ويطوفون به، مستويا فيه «١».
الْعاكِفُ: هو المقيم فيه الملازم له.
وَالْبادِ أي الواصل من البادية، والمراد به الطارئ عليه من غير فرق بين كونه من أهل البادية، أو من غيرهم.
قال القرطبي «٢» : وأجمع الناس على الاستواء في المسجد الحرام نفسه، واختلفوا في مكة.
فذهب مجاهد ومالك إلى أن دور مكة ومنازلها يستوي فيها المقيم والطارئ.
وذهب عمر بن الخطاب وابن عباس وجماعة إلى أن للقادم أن ينزل حيث وجد
(١) حكى أبو حاتم أن بعضهم قرأ سَواءً بالنصب، و «العاكف فيه والبادي» بالخفض.. والمعنى:
الذي جعلناه للناس، العاكف والبادي: معاني النحاس (٤/ ٣٩١)، والنشر (٢/ ٣٢٦)، ومعاني الفراء (٢/ ٢٢٢).
(٢) انظره في «تفسيره» (١٢/ ٣٢).


الصفحة التالية
Icon