كان لهن رايات تنصب على أبوابهن ليعرفهن من أراد الفاحشة منهن وقيل: وجه التقديم أن المرأة هي الأصل في الفعل وقيل: لأن الشهوة فيها أكثر وعليها أغلب، وقيل: لأن العار فيهن أكثر إذ موضوعهن الحجبة والصيانة فقدم ذكرها تغليظا واهتماما.
والخطاب في هذه الآية للأئمة ومن قام مقامهم، وقيل: للمسلمين أجمعين لأن إقامة الحدود واجبة عليهم جميعا والإمام ينوب عنهم إذ لا يمكنهم الاجتماع على إقامتها.
وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ: هي الرقة والرحمة.
وقيل: هي أرق الرحمة.
ومعنى فِي دِينِ اللَّهِ: في طاعته وحكمه «١»، كما في قوله تعالى: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ [يوسف: ٧٦].
ثم قال مثبتا للمأمورين ومهيجا لهم:
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: كما يقول الرجل للرجل يحضه على أمر: إن كنت رجلا فافعل كذا أي إن كنتم تصدقون بالتوحيد والبعث الذي فيه جزاء الأعمال فلا تعطلوا الحدود.
وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) أي ليحضره زيادة في التنكيل بهما وشيوع العار عليهما واشتهار فضيحتهما.
والطائفة: الفرقة التي تكون حافة حول الشيء من الطواف. وأقل الطائفة ثلاثة، وقيل: اثنان، وقيل: واحد، وقيل: أربعة، وقيل: عشرة.
[الآية الثانية]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) «٢».
(٢) قال أبو جعفر النحاس: «في هذه الآية ثلاثة أحكام على القاذف: منها جلده، وترك قبول شهادته،