مِنْ أَبْصارِهِمْ: هي التبعيضية وإليه ذهب الأكثرون وبينوه بأن المعنى غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل.
وقيل: وجه التبعيض أنه يعفى للناظر أول نظرة تقع من غير قصد، وقيل غير ذلك «١».
وفي هذه الآية دليل على تحريم النظر إلى غير من يحل النظر إليه.
و: معنى: وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ: أنه يجب عليهم حفظها عما يحرم عليهم.
وقيل: المراد ستر فروجهم عن أن يراها من لا يحل له رؤيتها. ولا مانع من إرادة المعنيين، فالكل يدخل تحت حفظ الفرج.
وقيل: وجه المجيء بمن في الأبصار دون الفروج أنه موسع في النظر، فإنه لا يحرم منه إلا ما استثنى، بخلاف حفظ الفرج فإنه مضيق فيه، فإنه لا يحل منه إلا ما استثنى.
وقيل: الوجه أن غض البصر كله كالمتعذر بخلاف حفظ الفرج فإنه ممكن على الإطلاق. والإشارة بقوله:
ذلِكَ إلى ما ذكر من الغض والحفظ وهو مبتدأ وخبره.
أَزْكى لَهُمْ: أي أطهر لهم من دنس الريبة وأطيب من التلبس بهذه الدنية.
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) : لا يخفى عليه شيء من صنيعهم، وفي ذلك وعيد لمن لم يغض بصره ويحفظ فرجه.

(١) قال جرير بن عبد الله: سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن نظرة الفجأة فقال: «اصرف بصرك» رواه مسلم (٦/ ١٨١)، وأبو داود (٨/ ٦١)، والترمذي (٢٩١٦) وأحمد (٤/ ٣٦١) وانظر: الطبري (١٨/ ١١٧)، والسيوطي في الدر (٥/ ٤٠) وكذلك المشكل لمكي (٢/ ١٢٠)، والتبيان (٢/ ١٥٥)، وزاد المسير (٦/ ٣٠).


الصفحة التالية
Icon