وقال النخعي: إن الخير: الدين والأمانة، وروي مثل هذا عن الحسن.
وقال عبيدة السلماني: إقامة الصلاة.
قال الطحاوي: وقول من قال: إنه مال، لا يصح عندنا لأن العبد مال لمولاه فكيف يكون له مال! قال: والمعنى عندنا إن علمتم فيهم خيرا أي الدين والصدق.
قال أبو عمرو بن عبد البر: من لم يقل إن الخير هنا المال أنكر أن يقال: إن علمتم فيهم مالا، وإنما يقال علمت فيه الخير والصلاح والأمانة، ولا يقال: علمت فيه المال. هذا حاصل ما وقع من الاختلاف بين أهل العلم في الخير المذكور في الآية.
وإذا تقرر لك هذا فاعلم أنه قد ذهب إلى ظاهر ما يقتضيه الأمر المذكور من الوجوب عكرمة وعطاء ومسروق وعمرو بن دينار والضحاك وأهل الظاهر فقالوا: يجب على السيد أن يكاتب مملوكه إذا طلب منه ذلك وعلم فيه خيرا.
وقال الجمهور من أهل العلم: لا يجب ذلك، وتمسكوا بالإجماع على أنه لو سأل العبد سيده أن يبيعه من غيره لم يجب عليه ذلك ولم يجبر عليه فكذا الكتابة لأنها معاوضة.
ولا يخفى عليك أن هذه حجة واهية وشبهة داحضة، والحق ما قاله الأولون، وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس، واختاره ابن جرير «١».
ثم أمر سبحانه الموالي بالإحسان إلى المكاتبين فقال:
وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ: ففي هذا أمر للمالكين بإعانة المكاتبين على مال الكتابة: إما بأن يعطوهم شيئا من المال، أو بأن يحطوا عنهم مما كوتبوا عليه.
وظاهر الآية عدم تقرير ذلك بمقدار. وقيل: الثلث وقيل: الربع، وقيل: العشر. ولعل وجه تخصيص الموالي بهذا الأمر هو كون الكلام فيهم وسياق الكلام معهم فإنهم المأمورون بالكتابة.
وقال الحسن والنخعي وبريدة: إن الخطاب بقوله: وَآتُوهُمْ لجميع الناس.