بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ أي بعضكم يطوف أو طائف على بعض «١».
والمعنى أن كلا منكم يطوف على صاحبه: العبيد على الموالي، والموالي على العبيد، وإنما أباح سبحانه الدخول في غير تلك الأوقات الثلاثة بغير استئذان لأنها كانت العادة أنهم لا يكشفون عوراتهم في غيرها. والإشارة بقوله:
كَذلِكَ، إلى مصدر الفعل الذي بعده كما في سائر المواضع في الكتاب العزيز، أي مثل ذلك التبيين.
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ: الدالة على ما شرعه لكم من الأحكام.
وَاللَّهُ عَلِيمٌ كثير العلم بالمعلومات.
حَكِيمٌ (٥٨) : كثير الحكمة في أفعاله.
[الآية الثالثة عشرة]
وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠).
وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً: أي العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر، واحدتها قاعد بلا هاء، ليدل حذفها على أنه قعود الكبر.
فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ: التي تكون على ظاهر البدن كالجلباب ونحوه، لا الثياب التي على العورة الخاصة. وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهن، إذ لا رغبة للرجال فيهن، فأباح الله سبحانه لهن ما لم يبحه لغيرهن.
ثم استثنى حالة من حالاتهن فقال: غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ: أي غير مظهرات للزينة التي أمرن بإخفائها في قوله: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور: ٣١]، والمعنى من غير أن يردن بإظهار مواضع الجلابيب إظهار زينتهن ولا متعرضات بالتزين لينظر إليهن الرجال.

(١) انظر: معاني الفراء (٢/ ٢٩٠)، والسبعة لابن مجاهد (ص ٤٥٩)، والكشاف (٢/ ٨٧)، والمجاز لأبي عبيدة (٢/ ٦٩)، والقرطبي (١٢/ ٣٠٩)، والدر المنثور للسيوطي (٥/ ٥٧).


الصفحة التالية
Icon