والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل كله أو أكثره.
[الآية الثالثة]
وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧).
وَالَّذِينَ [إِذا] «١» أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا: من قتر يقتر، أو أقتر يقتر. ومعنى الجميع التضييق في الإنفاق.
قال النحاس: أحسن ما قيل في معنى الآية: أن من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام «٢».
وقال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجوع ولا يعرى ولا ينفق نفقة يقول الناس قد أسرف.
وقال يزيد بن حبيب: أولئك أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوبا للجمال، ولكن كانوا فريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة الله، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويقيهم الحر والبرد «٣».
وقال أبو عبيدة: لم يزيدوا على المعروف ولم يبخلوا، كقوله: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء: ٢٩].
وَكانَ: أي إنفاقهم.
بَيْنَ ذلِكَ: الإفراط أو التفريط.
قَواماً (٦٧) بكسر القاف: ما يدوم عليه الشيء ويستقر وبالفتح العدل والاستقامة، قاله ثعلب.
وقيل: بالفتح العدل بين الشيئين، وبالكسر ما يقام به الشيء لا يفضل عنه ولا
(٢) انظر كلام النحاس في «معاني القرآن» له (٥/ ٤٨، ٤٩). [.....]
(٣) انظر: الطبري (١٩/ ٢٦)، وزاد المسير (٦/ ١٠٥)، وابن قتيبة (٣١٥)، والنكت (٣/ ١٦٥)، والبحر المحيط (٦/ ٥١٥)، ومجاز أبي عبيدة (٢/ ٨١)، والقرطبي (١٣/ ٧٦)، الدر المنثور (٥/ ٧٧).