[الآية الثانية والعشرون] وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥).
في هذه الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله وهو الجهاد، واللفظ يتناول غيره مما يصدق عليه أنه من سبيل الله، والباء في قوله بِأَيْدِيكُمْ زائدة «١». ومثله أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) [العلق: ١٤]. وقال المبرد: بأيديكم أي بأنفسكم تعبيرا بالبعض عن الكل، كقوله: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: ٣٠]، وقيل: هذا مثل مضروب يقال: فلان ألقى بيده في أمر كذا: إذا استسلم لأن المستسلم في القتال يلقي سلاحه بيده، فكذلك فعل كل عاجز في أيّ فعل كان.
وقال قوم: التقدير ولا تلقوا أنفسكم «٢» بأيديكم.
والتهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكا وهلكا وتهلكة: أي لا تأخذوا فيما يهلككم.
وللسلف في معنى الآية أقوال سيأتي بيانها، وبيان سبب نزول الآية.
والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فكلما صدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا فهو داخل في هذه، وبه قال ابن جرير الطبري «٣».
ومن جملة ما يدخل تحت الآية أن يقتحم الرجل في الحرب فيحمل على الجيش مع عدم قدرته على التخلص وعدم تأثيره لأثر ينفع المجاهدين. ولا يمنع من دخول هذا تحت الآية إنكار من أنكره من الذين رأوا «٤» السبب فإنهم ظنوا أن الآية لا تجاوز سببها وهو ظنّ تدفعه لغة العرب.
وقوله وَأَحْسِنُوا أي في الإنفاق في الطاعة، وأحسنوا الظن بالله في إخلافه عليكم.

(١) جاء في فتح القدير [١/ ١٩٣] بعد [زائدة] [والتقدير: ولا تلقوا أيديكم].
(٢) جاء في المطبوع [نفسكم] والتصحيح من «فتح القدير» [١/ ١٩٣].
(٣) انظر تفسير الطبري [٢/ ٢١١].
(٤) جاء في المطبوع [ردوا] وهذا خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ١٩٣].


الصفحة التالية
Icon