الْيَهُودَ أَتَوْهُمْ
وَهُمْ عِنْدَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَاظَرُوهُمْ فِي الدِّينِ وَجَادَلُوهُمْ حَتَّى تَسَابُّوا فَكَفَرَ الْيَهُودُ بِعِيسَى وَبِالْإِنْجِيلِ وَقَالُوا لِلنَّصَارَى مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ فَكَفَرَ وَفْدُ نَجْرَانَ بِمُوسَى وَبِالتَّوْرَاةِ وَقَالُوا لِلْيَهُودِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ.
وَقَوْلُهُمْ عَلى شَيْءٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَالشَّيْءُ الْمَوْجُودُ هُنَا مُبَالَغَةٌ أَيْ لَيْسُوا عَلَى أَمْرٍ يُعْتَدُّ بِهِ. فَالشَّيْءُ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْعُرْفِيُّ أَوْ بِاعْتِبَارِ صِفَةٍ مَحْذُوفَةٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ:
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَأِ | فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعْ |
وَجِيءَ بِالْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الْهَيْئَةِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ الْمُفْرَدَةِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ بِسَبَبِ اشْتِمَالِهَا عَلَى نِسْبَةٍ خَبَرِيَّةٍ تُفِيدُ أَنَّ مَا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عُدِلَ بِهِ عَنِ الْخَبَرِ لِادِّعَاءِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ اتِّصَافُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ بِهِ فَيُؤْتَى بِهِ فِي مَوْقِعِ الْحَالِ الْمُفْرَدَةِ عَلَى اعْتِبَارِ التَّذْكِيرِ بِهِ وَلَفْتِ الذِّهْنِ إِلَيْهِ فَصَارَ حَالًا لَهُ.
وَضَمِيرُ قَوْلِهِ: هُمْ عَائِدٌ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ وَقِيلَ عَائِدٌ إِلَى النَّصَارَى لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي (الْكِتَابِ) جَعَلَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» تَعْرِيفَ الْجِنْسِ وَهُوَ يَرْمِي بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُمْ أَهْلُ عِلْمٍ كَمَا يُقَالُ لَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي مُقَابَلَةِ الْأُمِّيِّينَ، وَحَدَاهُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَقِبَهُ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ تَرَاجَمُوا بِالنِّسْبَةُُِ