@ من الشمس والقمر والنجوم وما يحدث بسبب حركات الشمس والقمر من الليل والنهار وكل ذلك آية من آياته ودلالة من دلائل ربوبيته
ومن تدبر أمر هذين النيرين العظيمين وجدهما من أعظم الآيات في خلقهما وجرمهما ونورهما وحركتهما على نهج واحد لا ينيان ولا يفتران دائبين ولا يقع في حركتهما اختلاف بالبطء والسرعة والرجوع والاستقامة والانخفاض والارتفاع ولا يجري أحدهما في فلك صاحبه ولا يدخل عليه في سلطانه ولا تدرك الشمس القمر ولا يجيء الليل قبل انقضاء النهار بل لكل حركة مقدرة ونهج معين لا يشركه فيه الآخر كما أن له تأثيرا ومنفعة لا يشركه فيها الآخر وذلك مما يدل من له أدنى عقل على أنه بتسخير مسخر وأمر آمر وتدبير مدبر بهرت حكمته العقول وأحاط علمه بكل دقيق وجليل وفرق ما علمه الناس من الحكم التي في خلقهما مالا تصل إليه عقولهم ولا تنتهي إلى مباديها أوهامهم فغايتنا الاعتراف بجلال خالقهما وكمال حكمته ولطف تدبيره وأن نقول ما قاله أولوا الألباب قبلنا ﴿ ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾ ولو أن العبد وصف له جرم أسود مستدير عظيم الخلق يبدو فيه النور كخيط متسخن ثم يتزايد كل ليلة حتى يتكامل نوره فيصير أضوأ شيء وأحسنه وأجمله ثم يأخذ في النقصان حتى يعود إلى حاله الأول فيحصل بسبب ذلك معرفة الأشهر والسنين وحساب آجال العالم من مواقيت حجهم وصلاتهم ومواقيت أجائرهم ومدايناتهم ومعاملتهم التي لا تقوم مصالحهم إلا بها فمصالح الدنيا والدين متعلقة بالأهلة
وقد ذكر سبحانه ذلك في ثلاث آيات من كتابه أحدها قوله ﴿ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ﴾ والثانية قوله ﴿ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ﴾ والثالثة قوله ﴿ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا ﴾ فلولا ما يحدثه الله سبحانه في آيات الليل من زيادة ضوئها ونقصانه لم يعلم ميقات الحج والصوم والعدة ومدة الرضاع ومدة الحمل ومدة الإجارة ومدة آجال الحاملات