@ على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك والثاني قول قتادة إن يشأ الله ينسك القرآن ويقطع عنك الوحي وهذا القول دون الأول لوجوه
أحدها أن هذا خرج جوابا لهم وتكذيبا لقولهم أن محمدا كذب على الله وافترى عليه هذا القرآن فأجابهم بأحسن جواب وهو أن الله تعالى قادر لا يعجزه شيء فلو كان كما تقولون لختم على قلبه فلا يمكنه أن يأتي بشيء منه بل يصير القلب كالشيء المختوم عليه فلا يوصل إلى ما فيه فيعود المعنى إلى أنه لو افترى علي لم أمكنه ولم أقره ومعلوم أن مثل هذا الكلام لا يصدر من قلب مختوم عليه فإن فيه من علوم الأولين والآخرين وعلم المبدأ والمعاد والدنيا والآخرة والعلم الذي لا يعلمه إلا الله والبيان التام والجزالة والفصاحة والجلالة والأخبار بالغيوب مالم يمكن من ختم على قلبه أن يأتي به ولا ببعضه فلولا أني أنزلته على قلبه ويسرته بلسانه لما أمكنه أن يأتيكم بشيء منه فأين هذا إلى المعنى الذي ذكره الآخرون وكيف يلتئم مع حكاية قولهم وكيف يتضمن الرد عليهم
الوجه الثاني أن مجرد الربط على قلبه بالصبر على أذاهم يصدر من المحق والمبطل فلا يدل ذلك على التمييز بينهما ولا يكون فيه رد لقوهم فإن الصبر على أذى المكذب لا يدل بمجرده على صدق المخبر
الثالث أن الرابط على قلب العبد لا يقال له ختم على قلبه ولا يعرف هذا في عرف المخاطب ولا لغة العرب ولا هو المعهود في القرآن بل المعهود استعمال الختم على القلب في شأن الكفار في جميع موارد اللفظ في القرآن كقوله ﴿ ختم الله على قلوبهم ﴾ وقوله ﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ﴾ ونظائره وأما ربطه على قلب العبد بالصبر فكقوله ﴿ وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض ﴾ وقوله ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ﴾ والإنسان يسوغ له في الدعاء أن يقول اللهم اربط على قلبي ولا يحسن أن يقول اللهم اختم على قلبي
الرابع أنه سبحانه حيث يحكي أقوالهم أنه افتراه لا يجيبهم عليه هذا الجواب بل يجيبهم بأنه لو افتراه لم يملكوا له من الله شيئا بل كان يأخذه