@ على المقسم عليه سواء أريد مشارق النجوم ومغاربها أو مشارق الشمس ومغاربها أو كل جزء من جهتي المشرق والمغرب فكل ذلك آية ودلالة على قدرته تعالى على أن يبدل أمثال هؤلاء المكذبين وينشئهم فيما لا يعلمون فيأتي بهم في نشأة أخرى كما يأتي بالشمس كل يوم من مطلع ويذهب بها في مغرب
وأما في سورة المزمل فذكر المشرق والمغرب بلفظ الأفراد لما كان المقصود ذكر ربوبيته ووحدانيته وكما أنه تفرد بربوبية المشرق والمغرب وحده فكذلك يحب أن يتفرد بالربوبية والتوكل عليه وحده فليس للمشرق والمغرب رب سواه فكذلك ينبغي أن لا يتخذ إله ولا وكيل سواه وكذلك قال موسى لفرعون حين سأله ﴿ وما رب العالمين ﴾ فقال ﴿ رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ﴾ وفي ربوبيته سبحانه للمشارق والمغارب تنبيه على ربوبيته السموات وما حوته من الشمس والقمر والنجوم وربوبيته ما بين الجهتين وربوبيته الليل والنهار وما تضمناه ثم قال ﴿ إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ﴾ أي لقادرون على أن نذهب بهم ونأتي بأطوع لنا منهم وخيرا منهم كما قال تعالى ﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ﴾ وقوله ﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ أي لا يفوتني ذلك إذا أردته ولا يمتنع مني وعبر عن هذا المعنى بقوله ﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ لأن المغلوب يسبقه الغالب إلى ما يريده فيفوت عليه ولهذا عدى بعلي دون إلي كما في قوله ﴿ وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم ﴾ فإنه لما ضمنه معنى مغلوبين ومقهورين عداه بعلي بخلاف سبقه إليه فإنه فرق بين سبقته إليه وسبقته عليه فالأول بمعنى غلبته وقهرته عليه والثاني بمعنى وصلت إليه قبله فصل
وقد وقع الاخبار عن قدرته عليه سبحانه على تبديلهم بخير منهم وفي بعضها تبديل أمثالهم وفي بعضها استبداله قوما غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم فهذه ثلاثة أمور يجب معرفة ما بينها من الجمع والفرق فحيث وقع التبديل بخير منهم فهو إخبار عن قدرته على أن يذهب بهم ويأتي بأطوع وأتقى له منهم في الدنيا وذلك

__________


الصفحة التالية
Icon