@ والغي المنافي للرشاد ففي ضمن هذا النفي الشهادة له بأنه على الهدى والرشاد فالهدى في علمه والرشاد في علمه وهذان الأصلان هما غاية كمال العبد وبهما سعادته وفلاحه وبهما وصف النبي ﷺ خلفاءه فقال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فالراشد ضد الغاوي والمهدي ضد الضال وهو الذي زكت نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح وهو صاحب الهدى ودين الحق ولا يشتبه الراشد المهدي بالضال الغاوي إلا على أجهل خلق الله وأعماهم قلبا وأبعدهم من حقيقة الإنسانية ولله در القائل
( وما انتفاع أخي الدنيا بناظره % إذا استوت عنده الأنوار والظلم )
فالناس أربعة اقسام ضال في علمه غاو في قصده وعلمه وهؤلاء شرار الخلق وهم مخالفوا الرسل
الثاني مهتد في علمه غاو في قصده وعمله وهؤلاء هم الأمة الغضبية ومن تشبه بهم وهو حال كل من عرف الحق ولم يعمل به
الثالث ضال في علمه ولكن قصده الخير وهو لا يشعر
الرابع مهتد في علمه راشد في قصده وهؤلاء ورثة الأنبياء وهم وإن كانوا الأقلين عددا فهم الأكثرون عند الله قدرا وهم صفوة الله من عباده وحزبه من خلقه
وتأمل كيف قال سبحانه ﴿ ما ضل صاحبكم ﴾ ولم يقل ما ضل محمد تأكيدا لإقامة الحجة عليهم بأنه صاحبهم وهم أعلم الخلق به وبحاله وأقواله وأعماله وأنهم لا يعرفونه بكذب ولا غي ولا ضلال ولا ينقمون عليه أمرا واحدا قط وقد نبه على هذا المعنى بقوله ﴿ أم لم يعرفوا رسولهم ﴾ وبقوله ﴿ وما صاحبكم بمجنون ﴾

__________


الصفحة التالية
Icon