وأما البيت المعمور فالمشهور أنه الضراح الذي في السماء الذي رفع للنبي ﷺ ليلة الإسراء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم وهو بحيال البيت المعمور في الأرض وقيل هو البيت الحرام ولا ريب أن كلا منهما معمور فهذا معمور بالملائكة وعبادتهم وهذا معمور بالطائفين والقائمين والركع والسجود وعلى كلا القولين فكل منهما سيد البيوت
ثم أقسم سبحانه بمخلوقين عظيمين من بعض مخلوقاته وهما مظهر آياته وعجائب صنعته وهما السقف المرفوع وهو السماء فإنها من أعظم آياته قدرا وارتفاعا وسعة وسمكا ولونا وإشراقا وهي محل ملائكته وهي سقف العالم وبها انتظامه ومحل النيرين الذين بهما قوام الليل والنهار والسنين والشهور والأيام والصيف والشتاء والربيع والخريف ومنها تنزل البركات واليها تصعد الأرواح وأعمالها وكلماتها الطيبة
والثاني البحر المسجور وهو آية عظيمة من آياته وعجائبه لا يحصيها إلا الله واختلف في هذا البحر هل هو الذي فوق السموات أو البحر الذي نشاهده على قولين فقالت طائفة هو البحر الذي عليه العرش وبين أعلاه وأسفله مسيرة خمسمائة عام كما في الحديث الذي رواه أبو داود من حديث سماك عن عبد الله بن مخيمرة عن الأحنف بن قيس قال كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله ﷺ فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال ما تسمون هذه قالوا السحاب قال والمزن قالوا والمزن قال والعنان قالوا والعنان قال هل تدرون ما بين السماء والأرض قالوا لا ندري قال إن بعد ما بينهما اما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سموات ثم فوق السابعة بحرا بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله فوق ذلك وهذا لا يناقض ما في جامع الترمذي إن بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام إذ المسافات تختلف مقاديرها باختلاف المقدر به فالخمسمائة مقدرة بسير الإبل والسبعون بسير البريد وهو يقطع بقدر ما تقطعه الإبل سبعة أضعاف وهذا القول في البحر الذي تحت العرش محكي عن علي بن أبي طالب

__________


الصفحة التالية
Icon