@ ولا يؤثم بعضهم بعضا بشربها ولا يؤثمهم الله بذلك ولا الملائكة فلا يلغون ولا يأثمون قال ابن قتيبة لا يذهب بعقولهم فيلغوا ولم يقع منهم ما يؤثمهم
ثم وصف خدمهم الطائفين عليهم بأنهم كاللؤلؤ في بياضهم والملكنون المصون الذي لا تدنسه الأيدي فلم تذهب الخدمة تلك المحاسن وذلك اللون والصفاء والبهجة بل مع انتصابهم لخدمتهم كأنهم لؤلؤ مكنون ووصفهم في موضع آخر ﴿ إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ﴾ ففي ذكره المنثور إشارة إلى تفرقهم في حوائج ساداتهم وخدمتهم وذهابهم ومجيئهم وسعة المكان بحيث لا يحتاجون أن ينضم بعضهم إلى بعض فيه لضيقه
ثم ذكر سبحانه ما يتحدثون به هناك وانهم يقولون ﴿ إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ﴾ أي كنا خائفين في محل الأمن بين الأهل والأقارب والعشائر فأوصلنا ذلك الخوف والإشفاق إلى أن من الله علينا فأمنا مما نخاف ﴿ ووقانا عذاب السموم ﴾ وهذا ضد حال الشقي الذي كان في أهله مسرورا فهذا كان مسرورا مع إساءته وهؤلاء كانوا مشفقين مع إحسانهم فبدل الله سبحانه إشفاقهم بأعظم الأمن وبدل أمن أولئك بأعظم المخاوف فبالله سبحانه المستعان
ثم أخبر عن حالهم في الدنيا وأنهم كانوا يعبدون الله فيها فأصلتهم عبادته وحده إلى قربه وجواره ومحل كرامته والذي جمع لهم ذلك كله بره ورحمته فإنه هو البر الرحيم فهذا هو المقسم عليه بتلك الأقسام الخمسة في أول السورة والله أعلم فصل
ومن ذلك قوله ﴿ والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا ﴾ أقسم بالذاريات وهي الرياح تذرو المطر وتذرو التراب وتذرو النبات إذا تهشم كما قال تعالى ﴿ فأصبح هشيما تذروه الرياح ﴾ أي تفرقه وتنشره ثم بما فوقها وهي السحاب الحاملات وقرا أي ثقلا من الماء وهي روايا الأرض يسوقها الله سبحانه على متون السحاب

__________


الصفحة التالية
Icon