@ العباد وأحيا به البلاد وصرفه بين خلقه كما أراد وأخرج ذلك القطر بقدر معلوم وأنزله منه وأفناه بعد الاستغناء عنه ولو شاء لأدامه عليهم فلم يستطيعوا إلى دفعه سبيلا ولو شاء لأمسكه عنهم فلا يجدون إليه وصولا فإن لم يحبك جوابا حباك اعتبار مرسل الرياح من أنشأها بقدرته وصرفها بحكمته وسخرها بمشيئته وارسلها بشرا بين يدي رحمته جعلها سببا لتمام نعمته وسلطانا على من شاء بعقوبته ومن جعلها رخاء وذارية ولاقحة ومثيرة ومؤلفة ومغذية لأبدان الحيوان والشجر والنبات وجعلها قاصفا وعاصفا ومهلكة وعاتية إلى غير ذلك من صفاتها فهل ذلك لها من نفسها وذاتها أم تدبير مدبر شهدت الموجودات بربوبيته وأقرت المصنوعات بوحدانيته بيده النفع والضر وله الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين
وسل الجاريات يسرا من السفن من أمسكها على وجه الماء وسخر لها البحر ومن أرسل لها الرياح التي تسوقها على الماء سوق السحاب على متون الرياح ومن حفظها في مجراها ومرساها من طغيان الماء وطغيان الريح فمن الذي جعل الريح لها بقدر لو زاد عليها لأغرقها ولو نقص عنه لعاقها ومن الذي أجرى لها ريحا واحدة تسير بها ولم يسلط على تلك الريح ما يصادمها ويقاومها فتتموج في البحر يمينا وشمالا تتلاعب بها الريح ومن الذي علم الخلق الضعيف صنعة هذا البيت العظيم الذي يمشي على الماء فيقطع المسافة البعيدة ويعود إلى بلده يشق الماء ويمخره مقبلا ومدبرا بريح واحدة تجري في موج كالجبال ﴿ ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ﴾ ومن الذي حمل في هذا البيت نبيه وأولياءه خاصة وأغرق جميع أهل الأرض سواهم
وسل الجاريات يسرا من الكواكب والشمس والقمر من الذي خلقها