وأما قولكم لو كان المني مستلا من جميع الأعضاء لكان الولد يتشكل بشكلهما معا فقد أجاب النبي ﷺ عمن سأله عن ذلك بما شفى وكفى ففي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله ﷺ المدينة وهو في أرضه يحترف فأتاه وقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله فقال رسول الله ﷺ أخبرني بهن آنفا جبريل فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة أما أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبق ماؤه كان الشبه لها فقال أشهد أنك رسول الله فهذا جواب جبريل أمين رب العالمين لا جبريل الطبيب وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان عن النبي ﷺ إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنث بإذن الله وقد يتفق الماآن في الإنزال والقدر وذلك من أندر الأشياء فيخلق للولد ذكر كذكر الرجل وفرج كفرج المرأة فإذا شاء الله أن يغلب سلالة ماء الرجل على ماء المرأة أو سلالتها أمر ملك الأرحام بتصويره كذلك فإن ذلك لا يخل بحكمته ولا يخرق عادته ولو خرقها لم يخل بحكمة أحكم الحاكمين
وأما منعكم عموم اللذة فشبيه بالمكابرة والمجامع يجد عند الإنزال شيئا قد استل من جميع بدنه وسمعه وبصره وقواه في قالب الرحم فيحس كأنه خلع قميصا كان مشتملا به ولهذا اقتضت حكمة الرب تعالى في شرعه وقدره أن أمره بالاغتسال عقيب ذلك ليخلف عليه الماء ما تحلل من بدنه من ماء وإذا اغتسل وجد نشاطا وقوة وكأنه لم ينقص منه شيء فإن رطوبة الماء تخلف على البدن ما حللته تلك الحركة عن رطوباته وتعمل فيها الحرارة الأصلية عملها فتمد بها القوى التي ضعفت بالإنزال
وأما التشابه الواقع بين الظفر والشعر في الوالد والمولود ولم ينفصل بينهما شيء فما أبردها من شبهة فإن الظفر والشعر تابعان للأعضاء والمزاج الذي