@ وقع فيه التشابه فاستتبع تشابه الأصل تشابه التبيع
وأما شبه المولود بالجد البعيد من أجداده فهو من أقوى الأدلة لنا في المسألة لأن ذلك الشبه البعيد لم يزل ينتقل في الأصلاب حتى استقر في صورة الولد وبها حصل الشبه
وأما قولكم إن تلك الأجزاء لا تخلو إما أن تكون موضوعة في المني وضعها الواجب أولا إلى آخره فجوابكم أنكم إن عنيتم أنها موضوعة بالفعل فليس كذلك وإن أردتم أنها موضوعة بالقوة فنعم وما المانع منه ويكون المني حيوانا صغيرا بل كبيرا بالقوة وبهذا ظهر الجواب عن قولكم إن المني رطوبة سيالة لا تحفظ الوضع والترتيب وغاية ما يقدر أن ذلك جزء من أجزاء السبب الذي يخلق الله به الولد وجزء السبب لا يستقل بالحكم فالمستقل بالايجاد مشيئة الله وحده والأسباب محال الظهور فصل
فإن قيل فهذا تصريح منكم بأن المرأة لها مني وأن منها أحد الجزئين اللذين يخلق الله منهما الولد وقد ظن طائفة من الأطباء أن المرأة لا مني لها
قيل هذا هو السؤال الذي أوردته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأم سلمة رضي الله عنها على النبي ﷺ وأجابهما عنه باثبات مني المرأة ففي الصحيح أن أم سليم رضي الله عنها قالت يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت قال نعم إذا رأت الماء فقالت أم سلمة أوتحتلم المرأة فقال تربت يداك فبم يشبهها ولدها وفيهما عن عائشة رضي الله عنها أن أم سليم رضي الله عنها سألت رسول الله ﷺ عن المرأة التي ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غسل قال نعم إذا رأت الماء قالت فقلت له أفترى المرأة ذلك فقال رسول الله ﷺ وهل يكون الشبه إلا من ذلك إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه هذا لفظ مسلم وقد ذكر جالينوس

__________


الصفحة التالية
Icon