@ واحدة كما يشاهد بالعيان في التخليق الظاهر في البيضة
فههنا أربع مراتب أحدها تصوير وتخليق علمي لم يخرج إلى الخارج الثانية مبدأ تصوير خفي يعجز الحس عن إدراكه الثالثة تصوير يناله الحس ولكنه لم يتم بعد الرابعة تمام التصوير الذي ليس بعد إلا نفخ الروح
فالمرتبة الأولى علمية والثلاث الأخر خارجية عينية وهذا التصوير بعد التصوير نظير التقدير بعد التقدير فالرب تعالى قدر مقادير الخلائق تقديرا عاما قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وهنا كتب السعادة والشقاوة والأعمال والأرزاق والآجال الثاني تقدير بعد هذا وهو أخص منه وهو التقدير الواقع عند القبضتين حين قبض تبارك وتعالى أهل السعادة بيمينه وقال هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون وقبض أهل الشقاوة باليد الأخرى وقال هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون الثالث تقدير بعد هذا وهو أخص منه عند ما يمنى به كما في حديث حذيفة بن أسيد المذكور الرابع تقدير آخر بعد هذا وهو عند ما يتم خلقه وينفخ فيه الروح كما صرح به الحديث الذي قبله وهذا يدل على سعة علم الرب تبارك وتعالى وإحاطته بالكليات والجزئيات وكذلك التصوير الثاني مطابق للتصوير العلمي والثالث مطابق للثاني والرابع مطابق للثالث وهذا مما يدل على كمال قدرة الرب تعالى ومطابقة المقدور للمعلوم فتبارك الله رب العالمين وأحسن الخالقين
ونظير هذا التقدير الكتابة العامة قبل المخلوقات ثم كتابة ما يكون من العام إلى العام في ليلة القدر وكل مرتبة من هذه المراتب تفصيل لما قبلها وتنوع وكلام رسول الله ﷺ يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا ويطابق الواقع في الوجود ولا يخالفه وإنما يخبر بما لا يستقل الحس والعقل بادراكه لا بما يخالف الحس والعقل وإنما يعرفه الناس ويستقلون بادراكه على أمر عيني يتعلق به الإيمان أو على حكم شرعي يتعلق به التكليف والله أعلم

__________


الصفحة التالية
Icon