قال أصحاب الكبد لما كان المني محتاجا إلى قوة مغذية تزيد في جوهره حتى يصير بحيث يمكن أن تكون الأعضاء فيه كان أول الأعضاء وأسبقها إليه وهو محل القوة المغذية وهو الكبد
قال أصحاب السرة حاجة الجنين إلى جذب الغذاء أشد من حاجته إلى الأقوات وإدراكه ومن السرة يجذب الغذاء
وأولى هذه الأقوال القول الأول فإن القلب ومنزلته وشرفه ومحله الذي وضعه الله به يقتضي أنه المبدوء به قبل سائر الأعضاء المتقدم عليها بالوجود والله أعلم فصل
فإن قيل الجنين قبل نفخ الروح فيه هل كان فيه حركة وإحساس أم لا قيل كان فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات ولم تكن حركة نموه واغتذائه بالإرادة فلما نفخت فيه الروح انضمت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه
فإن قيل قد ثبت أن الولد يتخلق من ماء الأبوين فهل يتمازجان ويختلطان حتى يصيرا ماء واحدا أو يكون أحدهما هو المادة والآخر بمنزلة الأنفحة التي تعقده قيل هو موضع اختلف فيه أرباب الطبيعة فقالت طائفة منهم مني الأب لا يكون جزءا من الجنين وإنما هو مادة الروح الساري في الأعضاء وأجزاء البدن كلها من مني الأم ومنهم من قال بل هو ينعقد من مني الأنثى ثم يتحلل ويفسد
قالوا ولهذا كان الولد جزءا من أمه ولهذا جاءت الشريعة بتبعيته لها في الحرية والرق
قالوا ولهذا لو نرى فحل رجل على جارية آخر فأولدها فالولد لمالك الأم دون مالك الفحل لأنه تكون من أجزائها وأحشائها ولحمها ودمها وماء الأب بمنزلة الماء الذي يسقي الأرض
قالوا والحس يشهد أن الأجزاء التي في المولود من أمه أضعاف أضعاف