@ الذي ليس لأمعائه استدارات بل له معي واحد مستقيم مكبا على الغذاء دائما عديم الصبر عنه كالفيل وأما مالأمعائه استدارات فإنه إذا فارقه الغذاء أو بعضه في الاستدارة الأولى صادفه في الثانية فإن هو فاته في الثانية صادفه في الثالثة والرابعة والخامسة كذلك فيمكن صبره على الغذاء حكمة بالغة
وما ينفذ إلى الأمعاء يبعث من العروق الضاربة ويأخذ من الغذاء جزءا يسيرا لطيفا وأما العروق غير الضاربة فهي مجاري الغذاء بالحقيقة فاخذت أكثره وأما العروق الضاربة فجعلت مسلكا للأرواح المنبعثة من القلب فاستغنت بقليل الغذاء وجعل للقلب وصلة بالامعاء ليحسنها أولا ويمدها بقوة الحار بإذن خالقه ثم يأخذ منها الجزء الملائم من الغذاء المستغنى عن فعل الكبد للطاقة جوهره فإن هذا الجزء لو حصل في الكبد لم يؤمن إحراقه وفساده فلا ينتفع به القلب ثم يأخذ منها عند شدة الحاجة وصدق المجاعة فيتعجل ذلك من أدنى المواضع ولذلك يشاهد من أكل مسنبة شديدة يحس بزيادة ونماء في كل أعضائه حتى يمر الطعام بالمعدة قبل استقراره فيها فسبحان من أتقن ما صنع
ولما كانت المعدة آلة هضم الغذاء والأمعاء آلة دفعه جعل للأمعاء طبقتان ليقوى دفعها بهما جميعا وليكون حرزا لها وحفظا ولذلك من تعرض له قرحة الامعاء بانجراد أحد الصفاقين يبقى الآخر سليما وجعلت الامعاء الغلاظ لقذف الثفل والرقاق لتأذية الغذاء والسبب في أن صار الإنسان لا يحتاج إلى تناول الغذاء دائما كثرة لفائف أمعائه والسبب المانع من قذف الفضول دائما سعة الأمعاء الغلاظ التي تقوم لها مقام وعاء آخر شبيه بالمعدة في السعة كما أن المثانة وعاء للبول كذلك فصل
ونحن نذكر فصلا مختصرا في هذا الباب يجمع شتات ذلك بإيضاح وإيجاز إن شاء الله تعالى وبه الحول والقوة فنقول