@ المؤمن يأكل في معنى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء فأطلق على المعدة أسم المعي تغليبا ولمشابهتها بالأمعاء لكون كل واحد من الأمعاء والمعدة محلا للغذاء وهذا لغة العرب كما يقولون القمران والعمران والركنان اليمانيان والشاميان والعراقيان ونظائر ذلك ولا سيما فإن تركيب الأمعاء كتركيب المعدة إذ هي مركبة من طبقتين لحمية خارجة وعصبية داخلة والطبقة الداخلة فيها لزوجات متصلة بها لتقيها من حر ألم البراز ورداءته كثيفة فلا تمسكه ولا يتعلق بها شيء منه ولما كان الكافر ليس في قلبه شيء من الإيمان والخير يغتذي به انصرفت قواه ونهمته كلها إلى الغذاء الحيواني البهيمي لما فقد الغذاء الروحي القلبي فتوفرت أمعاؤه وقواه على هذا الغذاء واستفرغت أمعاؤه هذا الغذاء وامتلأت به بحسب استعدادها وقبولها كما امتلأت به العروق والمعدة وأما المؤمن فإنه إنما يأكل العلفة ليتقوى بها على ما أمر به فهمته وقواه مصروفة إلى أمور وراء الأكل فغذا أكل ما يغذيه ويقيم صلبه استغنى قلبه ونفسه وروحه بالغذاء الإيماني عن الاستكثار من الغذاء الحيواني فاشتغل معاه الواحد وهو قولان بالغذاء فأمسكه حتى أخذت منه الاعضاء والقوى مقدار الحاجة فلم يحتج إلى أن يملأ أمعاءه كلها من الطعام وهذا أمر معلوم بالتجربة وإذا قويت مواد الإيمان ومعرفة الله واسمائه وصفاته ومحبته والشوق إلى لقائه في القلب استغنى بها العبد عن كثير من الغذاء ووجد لها قوة تزيد على قوة الغذاء الحيواني فإن كثف طباعك عن هذا وكنت عنه بمعزل فتأمل حال الفرح والسرور بتجدد نعمة عظيمة