@ أعضاء وعظام ومفاصل وجعل الله سبحانه العظام أصلب شيء في البدن لتكون أسا وعمدة في البدن إذ كانت الأعضاء كلها موضوعة على العظام حتى القلب كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وهي حاملة للأعضاء والحامل أقوى من المحمول ولتكون وقاية وجنة أيضا كالقحف فإنه وقاية الدماغ وعظام الصدر وقاية له وجعلت العظام كثيرة الفوائد ومنافع عديدة منها الحركة فإن الإنسان قد يحتاج إلى حركة بعض أجزائه دون بعض وقد يحتاج إلى حركة جزء من عضو
ومنها أنه لو كان على عظم واحد لكان إذا أراد أن يتحرك تحرك بجملته
ومنها أنه كان يتعذر عليه الصنائع والحل والربط
ومنها أنه إذا أصابه آفة عمت جميع البدن فجعلت العظام كثيرة ليكون متى نال بعضها آفة لم تسر إلى غيره وقام غيره من العظام مقامه في تحصيل تلك المنفعة
ومنها تعذر المنافع التي حصلت بسبب تعدد العظام ولولا كثرتها وتعددها لفاتت تلك المنافع
ومنها أن من العظام مايحتاج البدن إلى كبيره ومنها ما يحتاج إلى صغيره ومنها ما يحتاج إلى مستطيله ومنها ما يحتاج إلى مجوفه ومنها ما يحتاج إلى محنيه ومنها ما يحتاج إلى مستقيمه ولا يحصل ذلك إلا بتعدد العظام
ومنها بديع الصنع وحسن التأليف والتركيب وغير ذلك من الفوائد
ثم شد الخالق بعضها إلى بعض بالرباطات والأسر المحكم ثم كساها لحما حفظا لها ووقاية ثم كسى اللحم جلدا صونا له
ولما كانت الفضلات تنقسم إلى لطيفة وغليظة جعل الله سبحانه للغليظة منها مجاري تنجذب فيها إلى أسفل ويخرج منها خروجا ظاهرا للحس وأما اللطيفة فهي الفضلات البخارية ولما كان من شأنها أن تصعد إلى فوق وتخرج عن البدن بالتحليل جعل في العظام العليا منها منافذ يتحلل منها البخار المتصاعد فلم تكن تلك المنافذ محسوسة لئلا يضعف صوان الدماغ وهو القحف بوصول الأجسام المؤذية إليه فجعل الدماغ مركبة من عظام كثيرة ووصل