@ وسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار
وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته وإذا كان حرصه إنما هو على ما ينفعه وحسده منافسة في الخير وغضبه لله على أعدائه وشهوته مستعملة فيما أبيح له وعونا له على ما أمر به لم تضره هذه الأربعة بل انتفع بها أعظم الانتفاع فصل
وإذا تأملت حال القلب مع الملك والشيطان رأيت أعجب العجائب فهذا يلم به مرة وهذا يلم به مرة فإذا ألم به الملك حدث من لمته الانفساح والانشراح والنور والرحمة والاخلاص والانابة ومحبة الله وإيثاره على ما سواه وقصر الأمل والتجافي عن دار البلاء والامتحان والغرور فلو دامت له تلك الحالة لكان في أهنأ عيش وألذه وأطيبه ولكن تأتيه لمة الشيطان فتحدث له من الضيق والظلمة والهم والغم والخوف والسخط على المقدور والشك في الحق والحرص على الدنيا وعاجلها والغفلة عن الله ما هو من أعظم عذاب القلب
ثم للناس في هذه المحنة مراتب لا يحصيها إلا الله فمنهم من تكون لمة الملك أغلب من لمة الشيطان وأقوى فإذا ألم به الشيطان وجد من الألم والضيق والحصر وسوء الحال بحسب ما عنده من حياة القلب فيبادر إلى طرد تلك الملة ولا يدعها تستحكم فيصعب تداركها فهو دائما في حرب بين اللمتين يدال له مرة ويدال عليه مرة أخرى والعاقبة للتقوى