باطلا بصريح العقل مع أنه لم يعرف به قائل من العقلاء قبل هؤلاء وإنما الجأ هؤلاء إلى هذا ظنهم صحة دليل المتكلمين على حدوث الأجسام وصحة قول الفلاسفة بوجود موجود وممكن غير الأجسام وإثبات الموجب بالذات فلما بنوا قولهم على الأصل الفاسد لهؤلاء ولهؤلاء لزم هذا مع أنهم متناقضون فى الجمع بين هذين فإن عمدة المتكلمين على ابطال حوادث لا أول لها
وعمدة الفلاسفة على أن المؤثرية من لوازم الواجب بنفسه فإذا قالوا بقدم نفس لها تصورات وارادات لاتتناهى لزم جواز حوادث لا تتناهي فبطل أصل قول المتكلمين الذى بنوا عليه حدوث الأجسام فكان حينئذ موافقتهم المتكلمين بلا حجة عقلية فعلم أنهم جمعوا بين المتناقضين
وأبو عبد الله بن الخطيب وأمثاله كانوا أفضل من هؤلاء وعرفوا أنه لا يمكن الجمع بين هذا وهذا فلم يقولوا هذا القول المتناقض ولم يهتدوا إلى مذهب السلف والأئمة وان كانوا يذكرون أصوله فى مواضع أخر ويثبتون أن جمهور العقلاء يلتزمونها فلو تفطنوا لما يقوم بذات الله من كلامه وأفعاله المتعلقة بمشيئته وقدرته ودوام اتصافه بصفة الكمال خلصوا من هذه المحارات