ففى هذا ما يدل على أن الآيات التى هى لسان عربى مبين نزلها روح القدس من الله بالحق كما قال فى الآية الأخرى ( أفغير الله أبتغى حكما وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ) والكتاب الذى أنزل مفصلا هو القرآن العربى باتفاق الناس وقد أخبر أن الذين أتاهم الكتاب يعلمون أنه منزل من الله بالحق والعلم لا يكون إلا حقا فقال ( يعلمون ) ولم يقل يقولون فان العلم لا يكون إلا حقا بخلاف القول وذكر علمهم ذكر مستشهد به
وقد فرق سبحانه بين إيحائه إلى غير موسى وبين تكليمه لموسى فى قوله تعالى ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح ) إلى قوله ( حجة بعد الرسل ) فرق سبحانه بين تكليمه لموسى وبين ايحائه لغيره ووكد تكليمه لموسى بالمصدر وقال تعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) إلى قوله ( روح القدس ) وقال تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ) إلى آخر السورة فقد بين سبحانه أنه لم يكن لبشر أن يكلمه الله إلا على أحد الأوجه الثلاثة إما وحيا وإما من وراء حجاب وإما أن يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء فجعل الوحى غير التكليم والتكليم من وراء حجاب كان لموسى

__________


الصفحة التالية
Icon