ولما كان الكلام إنما يكون بحركة وفعل تنشأ عنه حروف ومعان صار الكلام يدخل فى اسم الفعل والعمل تارة باعتبار الحركة والفعل ويخرج عنه تارة باعتبار الحروف والمعانى ولهذا يجىء فى الكتاب والسنة قسما منه تارة كما فى قوله تعالى ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ) وقسيما له أخرى كما فى قوله تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )
ولهذا تنازع العلماء فيما إذا حلف لا يعمل عملا فى هذا المكان ولم يكن له نية ولا سبب يفيد هل يحنث بالكلام على قولين فى مذهب الامام أحمد وغيره وذكروهما روايتين عن أحمد ولهذا قال أبو محمد إبن قتيبة فى كتابه الذى ألفه فى بيان ( اللفظ ( أن القراءة قرآن وعمل لا يتميز أحدهما عن الآخر فمن قال أنها قرآن فهو صادق ومن حلف أنها عمل فهو بار وخطأ من أطلق أن القراءة مخلوقة وخطأ من زعم أنها غير مخلوقة ونسبهما جميعا إلى قلة العلم وقصور الفهم فان هذه المسألة خفيت على الطائفتين لغموضها فان احدى الطائفتين وجدت القراءة تسمى قرآنا فنفت الخلق عنها والآخرى وجدت القراءة فعلا يثاب صاحبه عليه فأثبتت حدثه