واعلم ان هنا امرا عجيبا وهو ان هؤلاء القوم ضد الذين يجعلون القرآن الذي يقرؤونه كلام الآدميين لا كلام الله فإن اولئك عمدوا إلى كلام الله الذي يتلونه ويبلغونه ويؤدونه فجعلوه كلام انفسهم وهؤلاء عمدوا إلى كلامهم المتضمن الكفر والفسوق والعصيان والكذب والبطلان فجعلوه كلام الله الذي ليس بمخلوق فأولئك لم ينظروا إلا إلى من سمع منه الكلام وهؤلاء لم ينظروا إلا إلى من اعتقدوا انه تكلم أولا بمفردات الكلام
وأما ( الأمة الوسط ) الباقون على الفطرة وجميع بني آدم فيقولون لما بلغه المبلغ عن غيره وأداه ولما قرأه من كلام غيره وتلاه هذا كلام ذاك وإنما بلغته بقواك كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما خرج على قريش فقرأ عليهم ! ٢ < الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون > ٢ ! فقالوا هذا كلامك أم كلام صاحبك فقال ليس بكلامى ولا كلام صاحبى ولكن كلام الله
وهذا كما قال تعالى ! ٢ < فأجره حتى يسمع كلام الله > ٢ ! وفي سنن أبي داود عن جابر عن النبى انه كان يعرض نفسه على الناس في الموقف فيقول ألا رجل يحملنى إلى قومه لأبلغ كلام ربى فإن قريشا منعونى أن أبلغ كلام ربي فبين صلى