وقالوا لهؤلاء قولكم إنه مؤثر تام فى الازل لفظ مجمل يراد به التأثير العام فى كل شىء ويراد به التأثير المطلق فى شىء بعد شىء ويراد به التأثير فى شىء معين دون غيره فان أردتم الأول لزم أن لا يحدث فى العالم حادث وهذا خلاف المشاهدة وإن أردتم ( الثانى ) لزم أن يكون كل ما سوى الله مخلوقا حادثا كائنا بعد أن لم يكن وكان الرب لم يزل متكلما بمشيئته فعالا لما يشاء وهذا يناقض قولكم ويستلزم أن كل ماسواه مخلوق ويوافق ما أخبرت به الرسل وعلى هذا يدل العقل الصريح فتبين أن العقل الصريح يوافق ما أخبرت به الأنبياء وإن أردتم الثالث فسد قولكم لانه يستلزم انه يشاء ( حدوثها ) بعد أن لم يكن فاعلا لها من غير تجدد سبب يوجب الاحداث وهذا يناقض قولكم فان صح هذا جاز أن يحدث كل شىء بعد أن لم يكن محدثا لشىء وإن لم يصح هذا بطل فقولكم باطل على التقديرين
وحقيقة قولكم أن المؤثر التام لا يكون إلا مع أثره ولا يكون الاثر إلا مع المؤثر التام فى الزمن وحينئذ فيلزمكم أن لا يحدث شىء ويلزمكم أن كل ما حدث حدث بدون مؤثر ويلزمكم بطلان الفرق بين أثر وأثر وليس لكم أن تقولوا بعض الآثار يقارن المؤثر التام وبعضها يتراخى عنه

__________


الصفحة التالية
Icon