والطائفة الأخرى التى وافقت ابن كلاب على ان الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته قالت بل الكلام القديم هو حروف أو حروف وأصوات لازمة لذات الرب أزلا وأبدا لا يتكلم بها بمشيئته وقدرته ولا يتكلم بها شيئا بعد شىء ولم يفرق هؤلاء بين جنس الحروف وجنس الكلام وبين عين حروف قديمة أزلية وهذا ايضا مما يقول جمهور العقلاء انه معلوم الفساد بالضرورة فان الحروف المتعاقبة شيئا بعد شىء يمتنع أن يكون كل منها قديما أزليا وان كان جنسها قديما لا مكان وجود كلمات لا نهاية لها وحروف متعاقبة لا نهاية لها وامتناع كون كل منها قديما أزليا فان المسبوق بغيره لا يكون أزليا
وقد فرق بعضهم بين وجودها وماهيتها فقال الترتيب فى ماهيتها لا فى وجودها وبطلان هذا القول معلوم بالاضطرار لمن تدبره فان ماهية الكلام الذى هو حروف لا يكون شيئا بعد شىء والصوت لا يكون إلا شيئا بعد شىء فامتنع أن يكون وجود الماهية المعينة أزليا متقدما عليها به مع ان الفرق بينهما بين لو قدر الفرق بينهما ويلزم من هذين الوجهين ان يكون وجودها أيضا مترتبا ترتيبا متعاقبا
ثم من هؤلاء من يزعم ان ذلك القديم هو ما يسمع من العباد من الاصوات بالقرآن والتوارة والانجيل أو بعض ذلك وكان أظهر