ولا ريب أن قول هؤلاء يؤول الى قول فرعون وان كانوا لا يفهمون ذلك فان فرعون كذب موسى فيما أخبر به من أن ربه هو الأعلى وانه كلمه كما قال تعالى ( وقال فرعون يا هامان إبن لي صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وأنى لأظنه كاذبا ( وهو قد كذب موسى فى ان الله كلمه
ولكن هؤلاء يقولون إذا خلق كلاما فى غيره صار هو المتكلم به وذلك باطل وضلال من وجوه كثيرة
( أحدها ) ان الله سبحانه انطق الأشياء كلها نطقا معتادا ونطقا خارجا عن المعتاد قال تعالى ( اليوم نختم على أفواهم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) وقال تعالى ( حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى انطق كل شىء ( وقال تعالى ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ( وقد قال تعالى ( إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والاشراق ) وقد ثبت ان الحصى كان يسبح فى يد النبى وان الحجر كان يسلم عليه وأمثال ذلك من انطاق الجمادات فلو كان إذا خلق كلاما فى غيره كان هو المتكلم به كان هذا كله كلام الله تعالى ويكون قد كلم من سمع هذا الكلام كما كلم موسى بن عمران بل قد ثبت ان الله خالق