هذه الآية حجة عليك فانه لما قال ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ( علم ان الذكر منه محدث ومنه ما ليس بمحدث لأن النكرة اذا وصفت ميز بها بين الموصوف وغيره كما لو قال ما يأتينى من رجل مسلم إلا اكرمته وما آكل إلا طعاما حلالا ونحو ذلك ويعلم ان المحدث فى الآية ليس هو المخلوق الذى يقوله الجهمى ولكنه الذى أنزل جديدا فان الله كان ينزل القرآن شيئا بعد شىء فالمنزل أولا هو قديم بالنسبة الى المنزل آخرا وكل ما تقدم على غيره فهو قديم فى لغة العرب كما قال ( كالعرجون القديم ) وقال ( تالله انك لفى ضلالك القديم ) وقال ( واذا لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ) وقال ( أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون ( وكذلك قوله ( جعلناه قرآنا عربيا ( لم يقل جعلناه فقط حتى يظن أنه بمعنى خلقناه ولكن قال ( جعلناه قرآنا عربيا ) أى صيرناه عربيا لانه قد كان قادرا على ان ينزله عجميا فلما أنزله عربيا كان قد جعله عربيا دون عجمى وهذه المسئلة من أصول أهل الإيمان والسنة التى فارقوا بها الجهمية من المعتزلة والفلاسفة ونحوهم والكلام عليها مبسوط فى غير هذا الموضع والله أعلم