ومثله قوله تعالى فى الآية الأخرى ( والذين أتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق ) وهذ الكلام صفة الله تعالى
وأما ما اختص قيامه بنا من حركاتنا وأصواتنا وفهمنا وغير ذلك من صفاتنا فلم يقم منه شىء بذات الله سبحانه كما ان ما اختص الرب تعالى بقيامه به لم ينتقل عنه ولم يقم بغيره لا هو ولا مثله فان المخلوق إذا سمع من المخلوق كلامه وبلغه عنه كان ما بلغه هو كلامه كما تقدم قول النبى ( نضر الله امرءا سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه ( مع ان ما قام بالنبى بباطنه من العلم والارادة وغيرهما وبظاهره من الحركة والصوت وغيرهما لم ينتقل عنه ولم يقم بغيره بل جميع صفات المخلوقين لا تفارق ذواتهم وتنتقل عنهم فكيف يجوز أن يقال ان صفة الخالق فارقت ذاته فانتقلت عنه والمتعلم إذا أخذ علم المعلم ونقله عنه لم يفارق ذات الأول وينتقل عنها إلى الثانى بل نفس الحقيقة العلمية حصلت له مثل ما حصلت لمعلمه أو ليس مثله بل يشبهه ولهذا يشبه العلم بضوء السراج كل أحد يقتبس منه وهو لم ينقص ومن المعلوم أن من أوقد من مصباح غيره فانه لم ينتقل إلى سراجه شىء من جرم تلك النار ولا شىء من صفاتها القائمة بها بل جعل الله بسبب ملاصقة النار ذلك نارا مثل تلك