وشر من هؤلاء الصائبة والفلاسفة الذين يقولون إن الله لم يتكلم لا بكلام قائم بذاته ولا بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته ولا قديم النوع ولا قديم العين ولا حادث ولا مخلوق بل كلامه عندهم ما يفيض على نفوس الأنبياء ويقولون إنه كلم موسى من سماء عقله وقد يقولون أنه تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات فانه إنما يعلمها عى وجه كلي ويقولون مع ذلك انه يعلم نفسه ويعلم ما يفعله
وقولهم يعلم نفسه ومفعولاته حق كما قال تعالى ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ولكن قولهم مع ذلك انه لا يعلم الأعيان المعينة جهل وتناقض فان نفسه المقدسة معينة والافلاك معينة وكل موجود معين فان لم يعلم المعينات لم يعلم شيئا من الموجودات إذ الكليات إنما تكون كليات فى الأذهان لا فى الأعيان فمن لم يعلم إلا الكليات لم يعلم شيئا من الموجودات تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كثيرا
وهم إنما ألجأهم إلى هذا الالحاد فرارهم من تجدد الأحوال للبارى تعالى مع ان هؤلاء يقولون ان الحوادث تقوم بالقديم وان الحوادث لا أول لها لكن نفوا ذلك عن الباري لاعتقادهم انه لا صفة له بل هو وجود مطلق وقالوا ان العلم نفس عين العالم والقدرة نفس عين القادر والعلم والعالم شىء واحد والمريد والارادة

__________


الصفحة التالية
Icon