وذلك أنه اذا كان الأمر كذلك فلابد أن يعلمه أهل العقل والذكاء من الناس واذا علموه امتنع فى العادة تواطؤهم على كتمانه كما يمتنع تواطؤهم على الكذب فانه كما يمتنع فى العادة تواطؤ الجميع على الكذب يمتنع تواطؤهم على كتمان ما تتوفر الهمم والدواعى على بيانه وذكره لا سيما مثل معرفة هذه الأمور العظيمة التى معرفتها والتكلم بها من أعظم ما تتوفر الهمم والدواعى عليه ألا ترى أن الباطنية ونحوهم أبطنوا خلاف ما أظهروه للناس وسعوا فى ذلك بكل طريق وتواطؤا عليه ما شاء الله حتى التبس أمرهم على كثير من أتباعهم ثم انهم مع ذلك اطلع على حقيقة أمرهم جميع اذكياء الناس من موافقيهم ومخالفيهم وصنفوا الكتب فى كشف أسرارهم ورفع أستارهم ولم يكن لهم فى الباطن حرمة عند من عرف باطنهم ولا ثقة بما يخبرون به ولا التزام طاعة لما يأمرون وكذلك من فيه نوع من هذا الجنس
فمن سلك هذه السبيل لم يبق لمن علم أمره ثقة بما يخبر به وبما يأمر به وحينئذ فينتقض عليه جميع ما خاطب به الناس فانه ما من خطاب يخاطبهم به الا ويجوزون عليه أن يكون أراد به غير ما أظهره لهم فلا يثقون بأخباره وأوامره فيختل عليه الأمر كله فيكون مقصوده صلاحهم فيعود ذلك بالفساد العظيم بل كل من وافقه فلابد أن يظهر خلاف ما أبطن كاتباع من سلك هذه السبيل من القرامطة