تلك الحقيقة ليست مماثلة لهذه بل بينهما تباين عظيم مع التشابه كما فى قوله ! ٢ < وأتوا به متشابها > ٢ ! على أحد القولين أنه يشبه ما فى الدنيا وليس مثله فأشبه اسم تلك الحقائق اسماء هذه الحقائق كما أشبهت الحقائق الحقائق من بعض الوجوه فنحن نعلمها اذا خوطبنا بتلك الأسماء من جهة القدر المشترك بينهما ولكن لتلك الحقائق خاصية لا ندركها فى الدنيا ولا سبيل الى ادراكنا لها لعدم ادراك عينها أو نظيرها من كل وجه وتلك الحقائق على ما هى عليه هى تأويل ما أخبر الله به
وهذا فيه رد على اليهود والنصارى والصابئين من المتفلسفة وغيرهم فانهم ينكرون أن يكون فى الجنة أكل وشرب ولباس ونكاح ويمنعون وجود ما اخبر به القرآن ومن دخل فى الإسلام ونافق المؤمنين تأول ذلك على أن هذه أمثال مضروبة لتفهيم النعيم الروحانى ان كان من المتفلسفة الصابئة المنكرة لحشر الأجساد وان كان من منافقة الملتين المقرين بحشر الأجساد تأول ذلك على تفهيم النعيم الذى فى الجنة من الروحانى والسماع الطيب والروائح العطرة فكل ضال يحرف الكلم عن مواضعه الى ما اعتقد ثبوته
وكان فى هذا أيضا متبعا للمتشابه اذ الأسماء تشبه الأسماء والمسميات تشبه المسميات ولكن تخالفها أكثر مما تشابهها فهؤلاء يتبعون هذا