فإن قال أنا أعقل صفة ليست عرضا بغير متحيز وإن لم يكن له فى الشاهد نظير قيل له فاعقل صفة هى لنا بعض لغير متحيز وإن لم يكن له فى الشاهد نظير فان نفى عقل هذا نفى عقل ذاك وان كان بينهما نوع فرق لكنه فرق غير مؤثر فى موضع النزاع ولهذا كانت المعطلة الجهمية تنفى الجميع لكن ذاك أيضا مستلزم لنفى الذات ومن أثبت هذه الصفات الخبرية من نظير هؤلاء صرح بأنها صفة قائمة به كالعلم والقدرة وهذا ايضا ليس هو معقول النص ولا مدلول العقل وانما الضرورة ألجأتهم الى هذه المضايق
وأصل ذلك أنهم أتوا بألفاظ ليست فى الكتاب ولا فى السنة وهى ألفاظ مجملة مثل ( متحيز ( و ( محدود ( و ( جسم ( و ( مركب ( ونحو ذلك ونفوا مدلولها وجعلوا ذلك مقدمة بينهم مسلمة ومدلولا عليها بنوع قياس وذلك القياس أوقعهم فيه مسلك سلكوه فى اثبات حدوث العالم بحدوث الأعراض أو اثبات امكان الجسم بالتركيب من الأجزاء فوجب طرد الدليل بالحدوث والامكان لكل ما شمله هذا الدليل اذ الدليل القطعى لا يقبل الترك لمعارض راجح فرأوا ذلك يعكر عليهم من جهة النصوص ومن جهة العقل من ناحية أخرى فصاروا أحزابا تارة يغلبون القياس الأول ويدفعون ما عارضه وهم المعتزلة وتارة يغلبون القياس الثانى ويدفعون الأول